ثقافة الأطفال في العراق
وقائع وتوصيات الحلقة النقاشية التي أقامها مركز أبحاث الطفولة
والأمومة / جامعة ديالى
بالتعاون مع دار ثقافة الأطفال و البيت الثقافي / ديالى
الثلاثاء 24 /5/ 2011 على قاعة المكتبة المركزية في بعقوبة
أدار الجلسة الأستاذ الدكتور سامي مهدي العزاوي مدير المركز
في البدء رحب السيد رئيس الجلسة بالحضور الكرام متمنيا من الله التوفيق للجميع من اجل الخروج برؤيا واضحة لإشكالات ثقافة الأطفال في العراق مؤكدا على أن ثقافة الطفل ليست مجرد تبسيط أو تسطيح للثقافة العامة , وإنما ينبغي أن تتوفر فيها عناصر ومضامين ثقافية خاصة بالطفولة سواء أكان ذلك في محدداتها أم في انتظامها البنائي .
أن ما يصنعه المجتمع بالأفراد وهم صغار يصنعونه به وهم كبار من هنا تبدو خطورة عملية التثقيف التي يتعرض لها الطفل عبر ما يسمى بالتنشئة الثقافية 0 فالطفل يتشرب الثقافة بالكيفية التي يمليها عليه المجتمع 0
وبقدر ما توفق الأسرة ووكالات التنشئة الاجتماعية الأخرى (جماعة الأقران الروضة ، المدرسة ،وسائل الاتصال الجماهيري , دار ثقافة الأطفال ..الخ) في الانتقاء السليم والاختيار الأفضل للعناصر الثقافية اللازمة للطفل بقدر ما توفر له فرص النماء الثقافي التي تساعده على تمثل نمط الحياة السائدة والانصهار في بوتقة المجتمع الذي يحتويه0
أن مشكلة الطفل في العراق واغلب البلدان العربية انه يولد وينمو داخل حلقة مفرغة يمكن تسميتها بضائعه الثقافية .
ففي المرحلة الأولى من عمره يتشرب ثقافة الأسرة , والجميع يعرف شؤون وشجون الأسرة وما تتعرض له من معاناة ليس اقلها نسبة الأمية التي ترتفع بين الأمهات لتتجاوز الخمسين بالمائة وليس دونها أمية الإباء وما يترتب على تلك الأمية من انحسار وابتعاد عن الأساليب الصحيحة في مجال التنشئة والتثقيف وغور الإباء وانشغالهم عن أطفالهم من اجل تامين متطلبات العيش الضرورية لهم مما يجعلهم دون مستوى المسؤولية التربوية خبرة 0
ومن بعد ذلك يأتي دور رياض الأطفال التي لا تقل بؤسا عن المؤسسات الأخرى إذ تشير الإحصاءات الرقمية إلى أن الطاقة الاستيعابية لدور الحضانة والرياض تشكل نسبة ضئيلة جدا ، وأن النمو العقلي للطفل ضمن هذه المرحلة يتم بسرعة كبيرة تصل الى 50 % مابين ميلاد الطفل والسنة الرابعة من عمره مما يعني ان اغلب الأطفال العراقيين لا يستفيدون من هذه الميزة في تنمية ذكاءهم .
ثم يأتي دور المدرسة في التعليم الذي يعد المتغير الأساس الذي من خلاله نخلق ثقافة الطفل ونبلورها ، والجميع يعلم مقدار ما أصاب المدرسة من تراجع وضمور في دورها في تربية وتثقيف الأطفال نتيجة الى عدم مواكبة برامجها التعليمية عن مسايرة التطور الحضاري في الأبنية المدرسية والمناهج التعليمية فضلا عن تدهور المستوي الاقتصادي والاجتماعي للهيئات التعليمية 0
ولا تقل وسائل الأعلام عن بقية المؤسسات مسؤولية في تكوين ثقافة الطفل والتأسيس لها لما تتوفر عليه من امتيازات ومواصفات تجعلها موضع جذب واستقطاب وبخاصة التلفزيون وما يترتب على ذلك من تأثير في شخصية الطفل وثقافته ولكن مع هذه الامتيازات والمواصفات نتلمس جوانب الضعف والتقصير في أجهزة الأعلام المحلية إزاء الطفولة بالمقارنة بما تبثة الفضائيات للطفل مما جعل طفلنا ينصرفون تماما عنها .
تتعرض عملية التنشئة الثقافية للطفل العراقي إلى عدة إشكالات أثناء عملياتها المختلفة لإدماجه في ثقافة المجتمع ويمكن أجمالها بالاتي :
- 1. عدم تناغم وانسجام وتفاهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية في انتقاء وسائط ثقافة الطفل فضلا عن عدم ملاءمتها ليس فقط لقيم وأخلاق وأفكار ومعتقدات المجتمع الذي يعيش فيه الطفل بل لحاجات نموه في هذه المرحلة العمرية الحرجة .
- 2. غياب الإستراتيجية الموحدة لثقافة الطفل ، مما جعل التخبط والارتباك يبدو وكأنه السمة البارزة في هذا المجال .
- 3. اقتصار مؤسسات التنشئة الثقافية على المؤسسات التعليمية من الروضة وحتى الجامعة مما نقل أمراض هذه المؤسسات وتخلف أساليبها والتعليمية الى ثقافة الطفل .
- 4. الأهمية المتزايدة التي تعطي للحياة الفردية الخاصة ، وانعكاساتها بالتالي على حياة الأسرة العربية ، وما تولده من وهن في العلاقات بين الزوجين أو بين الأبناء والإباء وبما أدى إلى تنمية ازدواجية الثقافة بين عشق الحرية الفردية وامتلاك الأخر حد إلغاء شخصيته .
- 5. ما تزال الأسرة العراقية تعامل الطفل وكأنه اضعف حلقاتها وليس الكنز الكامن لمستقبلها .
أن الاهتمام بثقافة الطفل ينطلق من مبدأ أن الثقافة هي المدخل الأساس لتحقيق التنمية البشرية من خلال تكوين الإنسان المنتج الواعي لقضاياه الراهنة الساعي لجسر الفجوة بين الواقع الراهن وما وصلت إليه الحضارة الإنسانية من تقدم وازدهار على مختلف الصعود .
وأخيرا لابد من وضع تعريف محدد لثقافة الطفل child culture
هي مجموعة العلوم والفنون والآداب والمهارات والقيم التي يستطيع الطفل استيعابها وتمثيلها في كل مرحلة من مراحل نموه ، كي تمكنه من توجيه سلوكه داخل المجتمع توجيها سليما .
ثم تحدث الأستاذ الدكتور إبراهيم نعمة ألشمري أستاذ الإخراج المسرحي في كلية التربية الأساسية عن مسرح الطفل في العراق كونه من العناصر الأساسية التي تشكل ثقافة الطفل مستعرضا بدايات الاهتمام به واقعه الحالي وأفاق تطوره المستقبلية .
ثم تحدثت السيدة وسن عبد الحسين التدريسية الباحثة في مركز أبحاث الطفولة والأمومة عن محددات تشكيل ثقافة الطفل واهم معوقاتها في الأسرة العراقية
وفي ختام الجلسة جرت مناقشة مستفيضة من قبل الحضور الكرام مع الباحثين أسهمت بشكل فاعل في إثراء الحلقة النقاشية والخروج بالتوصيات المهمة للجهات ذات العلاقة بثقافة الفل العراقي .
توصيات الحلقة النقاشية
1ـ التأكيد على المؤسسات الحكومية ومجالس المحافظات بضرورة دعم المؤسسات
المعنية بثقافة الطفل.
2ـ ضرورة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في عملية التنشئة الثقافية للطفل من
خلال زج الأمهات ببرامج تربوية مركزة في أساليب التربية والرعاية المثلى للطفل .
3ـ ضرورة مشاركة مؤسسات الدولة في توفير الوسائط الثقافية للطفل ( كتب ملونة
، العاب تعليمية 00الخ ) وبأسعار مناسبة كي تستطيع الأسرة شرائها للطفل .
4- ضرورة اهتمام وزارة التربية بتفعيل درس التربية الفنية والتأكيد على أقامة
النشاطات والفعاليات الفنية والثقافية في المدارس .
5- ضرورة اهتمام وزارة التربية بالنشاطات الرياضية والفنية التي تنمي الجوانب
الثقافية والفنية لدى الأطفال .
6- ضرورة اهتمام وزارة التربية بدعم المعارض المدرسية التي تهتم بنتاجات
التلاميذ الفنية والعلمية والثقافية .
7- ضرورة توجيه أساتذة الجامعات العراقية بالاهتمام بثقافة الطفل العراقي
من خلال كتاباتهم وأبحاثهم العلمية .
8- ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة المعنية بثقافة الطفل من أجل
وضع استراتيجيات مستقبلية للنهوض بالواقع الثقافي للطفل العراقي .
9ـ ضرورة انتقاء الأسرة لأفضل الوسائل التثقيفية في عملية تشكيل ثقافة الطفل0
10- توجيه شبكة الإعلام العراقية لإطلاق فضائية للأطفال تدعم وتنمي ثقافة
السلام والمحبة في شخصية الأطفال .
11- ضرورة فتح دور حضانة ورياض أطفال في مؤسسات الدولة الكبيرة من أجل
التخفيف من معاناة الأم العاملة وتنمية ثقافة الأطفال .
12- ضرورة توجيه الإباء والمربين بعدم شراء الألعاب التي تنمي ثقافة العنف
لدى الأطفال .ش